يمكن للقيلولة في فترة ما بعد الظهيرة أن تحسن الذاكرة واليقظة – وإليك السبب

القيلولة القصيرة والطويلة لها فوائد.
Rawpixel.com/ Shutterstock

جون أكسلسون, معهد كارولينسكا وتينا ندودلين, جامعة ستوكهولم

يؤكد بعض الأشخاص على قيلولة بعد الظهر – سواء كان ذلك لتعويض النوم المفقود أو لمساعدتهم على الشعور بمزيد من اليقظة في فترة ما بعد الظهر. حتى أن بوريس جونسون يفترض بأنه يفضل قيلولة الطاقة خلال يوم عمله (رغم أن موظفي رئيس الوزراء يعترضون على هذا الادعاء). وكان ونستون تشرشل وألبرت أينشتاين وليوناردو دافنشي من مشاهير القيلولة.

ولكن في حين أن الكثير منا قد لا يشعر أنه عادة ما يكون لدينا الوقت الكافي لقيلولة في يومنا هذا، فإن العمل من المنزل أثناء الوباء قد يمنحنا الآن فرصة لتجربة القيلولة.

إن القيلولة هي طريقة رائعة للشعور بالراحة واليقظة أكثر – وتظهر بعض الأبحاث أنها يمكن أن تفيد وظائفنا المعرفية. ومع ذلك، قد ترغب في التفكير في المدة التي يتوجب أن تنام فيها قبل التوجه إلى السرير لقيلولة منتصف النهار.

فإذا كنت بحاجة إلى أن تكون متيقظاًبعد الاستيقاظ مباشرة (على سبيل المثال، إذا كنت تنام لبضع دقائق إضافية أثناء استراحة الغداء)، يوصى بما يسمى “قيلولة الطاقة” لمدة 10-30 دقيقة. وقد تسبب القيلولة الطويلة بعض النعاس الأولي – على الرغم من أنها تبعد النعاس لفترة أطول. لكن شرب القهوة مباشرة قبل الغفوة قد يساعدك على الاستيقاظ دون الشعور بالنعاس مع زيادة انتباهك أيضاً.

وبينما تعتبر القيلولة القصيرة رائعة لزيادة الطاقة، إلا أن القيلولة الأطول هي أكثر إنعاشاً وفائدة للتعلم. فعلى سبيل المثال، فإنها تحسن تفعيل الحصين hippocampus – وهي منطقة من الدماغ مهمة للتعلم والذاكرة. وقيلولة بعد الظهر لمدة ساعة إلى ساعتين تفيد كلاً من مهاراتك الحركية وقدرتك على تذكر الحقائق والأحداث.

كما أن دراسة حديثة من الصين اقترحت أن القيلولة المنتظمة بعد الظهر مرتبطة بوظيفة إدراكية أفضل لدى كبار السن. وقد سأل الباحثون 2200 شخصاً ممن تزيد أعمارهم عن 70 عاماً عن عاداتهم في القيلولة قبل أن يخضعوا لسلسلة من الاختبارات المعرفية التي تقيس أشياء مثل الذاكرة والمهارات اللغوية. ووجدوا أن أولئك الذين يأخذون قيلولة عادة ما كانوا أقل عرضة للإصابة بخلل إدراكي من أولئك الذين لم يفعلوا ذلك. وكان هذا صحيحاً بغض النظر عن العمر أو مستوى التعليم.

ولكن قد يلعب طول القيلولة دوراً هنا – فقد أظهرت دراسة مماثلة أن أولئك الذين يأخذون قيلولة لمدة 30-90 دقيقة يتمتعون بإدراك عام أفضل مقارنة بأولئك الذين قيلوا لفترة أطول أو أقصر، أو الذين لم يغفوا على الإطلاق.

لماذا تفيد القيلولة

إن الأسباب التي تجعل قيلولة قصيرة مفيدة جداً لليقظة والتركيز ليست مفهومة جيداً. فمن المحتمل أن القيلولة تساعد الدماغ علىتنظيف الفضلات التي تحفز النوم والتي من شأنها أن تمنع نشاط الدماغ، وتجدد مخازن الطاقة في الدماغ. قد تساعد القيلولة القصيرة أيضاً في تحسين انتباهك عن طريق السماح للمناطق النائمة بشكل خاص من الدماغ بالتعافي، وبالتالي منع عدم الاستقرار في شبكات الدماغ.

رجل يستيقظ من قيلولة على الأريكة
كما أن القيلولة الأطول هي أكثر إنعاشاً، لكن قد تشعر بالنعاس بعد الاستيقاظ.
Dusan Petkovic/ Shutterstock

ومن ناحية أخرى، فإن القيلولة الأطول هي أكثر انعاشاً جزئياً لأن هناك وقتاً للدخول في مراحل نوم متعددة، كل مرحلة منها تدعم عمليات التعلم المختلفة. فعلى سبيل المثال، أثناء نوم حركة العين السريعة (REM)، يكون الدماغ نشطاً تقريباً كما هو الحال عندما يكون مستيقظاً. قد يكون هذا النشاط في مناطق الدماغ المختلفة – بما في ذلك تلك المهمة للتعلم والذاكرة – هو السبب وراء دعم نوم حركة العين السريعة الذاكرة طويلة المدى والذاكرة العاطفية.

وأثناء نوم حركة العين السريعة على وجه الخصوص، يقوي الدماغ الروابط المطورة حديثاًوالتي تعتبر مهمة لتحسين المهارات الحركية. النوم لفترة أطول يقلل أيضاً من الاتصالات غير الهامة، وهذا التوازن يمكن أن يحسن مدى سرعة وفعالية الدماغ يعمل ككل.

النوم غير REM – وهي مرحلة النوم التي نقضي معظم وقتنا فيها – يحتوي على كلا الاثنين موجات الدماغ البطيئة ومجاور دوران النوم. محاور النوم عبارة عن إشارات دورية تشبه الاندفاع بين مناطق الدماغ المختلفة، والتي يُعتقد أنها تعيد تنشيط الذكريات وتوطدها. وتعمل كل من موجات الدماغ البطيئة والمحاور على زيادة المرونة – وهي قدرة الدماغ على التعلم والتكيف مع التجارب الجديدة.

وعلى الرغم من أن القيلولة لها العديد من الآثار الإيجابية على المدى القصير، إلا أنها لا ينصح بها للأشخاص الذين يعانون من الأرق. نظراً لأن القيلولة تقلل من النعاس، فقد تجعل النوم أكثر صعوبة عند الذهاب إلى الفراش في المساء. يجب أيضاً تجنب القيلولة في المواقف التي تتطلب الأداء الأمثل على الفور بعد ذلك، حيث قد يستغرق الأمر بعض الوقت للاستيقاظ بالكامل.

كما أظهرت أبحاث أخرى أن القيلولة المتكررة مرتبطة بارتفاع مؤشر كتلة الجسم وارتفاع ضغط الدم. كان القيلولة أكثر شيوعاً بين العاملين في الورديات والمتقاعدين والمدخنين، وفي الأشخاص الذين لديهم جينات مرتبطة باضطرابات النوم أو السمنة. إلى أي مدى كانت القيلولة ضارة أو مفيدة لهذه المجموعات لا تزال غير معروفة، ولكن من الواضح أن القيلولة أكثر شيوعاً في المجموعات التي عندها اضطراب النوم أو تحتاج إلى مزيد من النوم.

إذا وجدت أن مدى انتباهك يتذبذب في فترة ما بعد الظهر أثناء العمل من المنزل، فربما لو تحاول أخذ قيلولة في استراحة الغداء. حيث تعتبر القيلولة القصيرة رائعة في تحسين اليقظة والانتباه – وإذا كان لديك وقت لقيلولة أطول، فيمكن أن يدعم ذلك الذاكرة والتعلم.المحادثة

جون أكسلسون، أستاذ، علم الأعصاب السريري، معهد كارولينسكا وتينا سُندلين،زميلة أبحاث في علم النفس، جامعة ستوكهولم

يتم إعادة نشر هذه المقالة من شبكة The Conversation تحت ترخيص المشاع الإبداعي. قراءة المادة الأصلية.

%d bloggers like this: