قد تحميك نزلات البرد من فيروس كورونا – وإليك الطريقة

عادة ماتحدث نزلات البرد بسبب فيروس الأنف.
Shutterstock / fizkes

ماثيو جيمس, جامعة كوينز بلفاست

غالباً ما نفترض أن العدوى الفيروسية تسببها أنواع فيروسات فردية. لكننا في الواقع، نتعرض للعديد من الفيروسات على بشكل يومي، وللإصابة المشتركة – حيث إن اصابة شخص ما في وقت واحد بنوعين أو أكثر من الفيروسات – شائعة جداً.

إن الخلايا المبطنة للحلق والمسالك الهوائية السفلية تتعرض للبيئة التي حولنا، مما يجعلها هدفاً رئيسياً للعدوى المشتركة عن طريق فيروسات الجهاز التنفسي. وتتراوح هذه من فيروسات الأنف (rhinoviruses) المسببة لنزلات البرد إلى فيروسات الأنفلونزا الأكثر خطورة، والتي غالباً ما تكون سبب الأوبئة العالمية.

ويعد التداخل الفيروسي أحد النتائج الأكثر شيوعًاًُ للعدوى المشتركة، وهي ظاهرة ينافس فيها فيروس واحد ويثبط تكاثر فيروسات الاصابة المشتركة الاخرى. ومن المثير للاهتمام، أن مجموعة متزايدة من الأدلة تشير إلى أن فيروسات الأنف قد تتداخل مع تكاثر فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى التي تميل إلى أن تكون أكثر خطورة. بل قد توفر الحماية المؤقتة للمضيف منها.

والخبر السار هنا هو أن هذا يبدو أنه يشمل SARS-CoV-2 – الفيروس المسؤول عن COVID-19. وفي دراسة جديدة، ثبت أن فيروسات الأنف تمنع تكاثر هذا الفيروس.

فيروسات الأنف

إن غالبية فيروسات الجهاز التنفسي التي تصيب البشر هي فيروسات الأنف rhinoviruses (من الكلمة اليونانية “rhino” التي تعني “الأنف” و “وحيد القرن”). لقد تم التعرف على فيروسات الأنف لأول مرة في عام 1953، وهي فيروسات تنفسية صغيرة للغاية موجودة في جميع أنحاء العالم. وعلى حد علمنا، فهي قادرة فقط على إصابة البشر.

ويمكن أن تكون عدوى الفيروس الأنفي خطيرة في بعض الحالات. ومع ذلك، فإنها تصيبنا عادة لتسبب نزلات البرد، وهو مرض خفيف نسبياً. واستجابة لمثل هذه العدوى، ينتج جهاز المناعة لدينا جزيئات قاتلة للفيروس تسمى الإنترفيرون (interferons).

يتم إنتاج الإنترفيرون استجابةً للعدوى بجميع أنواع الفيروسات، ولكن يتم إنتاجها بشكل أسرع وبكميات أكبر استجابةً لفيروسات الأنف مقارنةً بفيروسات الجهاز التنفسي الأخرى. وعلى الرغم من ذلك، طورت فيروسات الأنف آليات معقدة تسمح لها بالتهرب من الإنترفيرون والتكاثر بكفاءة. فمن المقبول على نطاق واسع أن استجابة الإنترفيرون التي يسببها فيروس الأنف هي التي تنتج أعراض نزلات البرد الشائعة وليس الفيروس نفسه.

رسم توضيحي تم إنشاؤه بواسطة الكمبيوتر لفيروسات الأنف.
وحيد القرن (Rhinos) بدون قرون.
Shutterstock/Kateryna Kon

وفي حين أن فيروسات الأنف مقاومة جداً للإنترفيرون، فإن بعض فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى شديدة الحساسية تجاهها. فيروسات الإنفلونزا، على سبيل المثال، لا يمكنها التكاثر بشكل صحيح في وجود الإنترفيرون.

وبما أن عدوى فيروسات الأنف تؤدي إلى استجابة ضخمة للإنترفيرون، فقد كان لدى الباحثين فكرة أنها قد توفر الحماية ضد العدوى بواسطة فيروسات أكثر فتكاً وحساسة للإنترفيرون، مثل الإنفلونزا.

وفي السنوات الأخيرة، قامت مجموعات بحثية عديدة بالبحث في هذه الظاهرة في المختبر. فوجدوا أنه عندما تصاب الخلايا بفيروس الأنف (rhinovirus)، فإنها تؤدي إلى رد فعل مضاد للفيروسات تمنعها من أن تُصاب بفيروس الأنفلونزا.

إفذا كانت عدوى فيروسات الأنف تمنع تكاثر فيروسات الجهاز التنفسي الأخرى، فقد يؤثر ذلك على انتشارها وأنماط توزعها. فعلى سبيل المثال،تشير الدلائل إلى أن الفيروس الأنفي ربما أوقف انتشار فيروس الأنفلونزا H1N1 أو “أنفلونزا الخنازير” أثناء الجائحة العالمية لعام 2009.

نزلات البرد و COVID-19

فإذا كانت عدوى فيروس الأنف يمكن أن تتداخل مع تكاثر وانتشار فيروسات الأنفلونزا الجائحة، فهل يمكن أن تفعل الشيء نفسه مع فيروسات كورونا الحساسة للإنترفيرون، مثل SARS-CoV-2؟

فقد شرع فريق من العلماء في جامعة جلاسكو مؤخراً بالإجابة على هذا السؤال. حيث قاموا بإصابة طبقات من الخلايا المزروعة في المختبر والتي تكرر الظروف في الجهاز التنفسي البشري بفيروس الأنف، وفيروس SARS-CoV-2 ثم كلا الفيروسين في وقت واحد.

ومن المثير للاهتمام أن SARS-CoV-2 تكاثر بشكل أبطأ بكثير في سيناريو العدوى المشتركة. لكن تكاثر فيروسات الأنف لم يتغير في وجود أو عدم وجود SARS-CoV-2.

ولتكرار ظروف الحياة الواقعية بشكل أفضل، قام الباحثون أيضاً بإصابة الخلايا إما بفيروس الأنف أو SARS-CoV-2 قبل 24 ساعة من إصابتها بالفيروس الآخر. لقد كان فيروس الانف Rhinovirus قادراً على قمع تكاثر SARS-CoV-2 بغض النظر عما إذا تمت إضافته قبل أو بعد SARS-CoV-2، مما يشير إلى أن عدوى فيروس الأنف تحمي الخلايا بفعالية من SARS-CoV-2.

بعد ذلك، أراد المؤلفون التأكد من أن التأثير المثبط على تكاثر SARS-CoV-2 كان سببه على وجه التحديد استجابة لمضاد الفيروسات الأنفية. لذا قد شاركوا في إصابة الخلايا بكل من فيروس الأنفلونزا و SARS-CoV-2 في وجود دواء يمنع خصائص قتل الإنترفيرون للفيروسات، والذي يسمى BX795.

وفي هذا الجزء من التجربة، سمح BX795 لـ SARS-CoV-2 بالتكاثر بمستوى مماثل لمستوى عدوى SARS-CoV-2 منفردة. لقد أكد هذا أن استجابة مضاد للفيروسات الأنفية هي المسؤولة بالفعل عن منع تكاثر SARS-CoV-2 الذي شوهد في تجارب العدوى المشتركة بدون BX795.

وباستخدام المحاكاة الرياضية، وجد المؤلفون أيضاً أن عدوى فيروس الأنف أكثر انتشاراً بين السكان ستؤدي إلى انخفاض معدل الإصابة بـ SARS-CoV-2. وتؤكد هذه النتائج مجتمعة أن عدوى فيروسات الأنف تقمع تكاثر SARS-CoV-2، مما قد يقلل بدوره من عدد الحالات الجديدة بين السكان.




إقرأ المزيد:
إن نهاية الوباء قادمة – فقط لا تحدد موعداً للاحتفال


لذا، هل يمكن لفيروسات الأنف أن تحمينا من الإصابة بفيروس SARS-CoV-2؟ الجواب القصير هو نعم. ومع ذلك، من الضروري ملاحظة أن استجابة الإنترفيرون التي يسببها فيروس الأنف هي مثال على المناعة الفطرية، مما يعني أن تأثيرها يستمر فقط طالما أن فيروس الأنف الغازي موجود في جسمك.

فإذا تعافيت من نزلة برد ثم تعاملت مع SARS-CoV-2 بعد أسبوع، فمن غير المرجح أن يكون لديك ما يكفي من الإنترفيرون لمنع الإصابة بفيروس SARS-CoV-2 بنجاح. ولا يتم الحصول على المناعة طويلة المدى، والتي تنطوي على إنتاج أجسام مضادة عالية النوعية، إلا من خلال الاتصال المباشر بالفيروس المعني – إما في الطبيعة أو عن طريق التطعيم.

لذلك، إذا كنت شخصاً لم يُصب بعد بـ COVID-19 أو لم يتم تلقيحه، فلن تكون محمياً إلا إذا كنت محظوظاً بما يكفي للإصابة في نفس الوقت الذي تعاني فيه من نزلة برد. وقد تلعب فيروسات الأنف دوراً مهماً في السيطرة على انتشار السارس – CoV-2 بين البشر. ومع ذلك، ربما تظل الطريقة الأكثر فعالية هي التطعيم.المحادثة

ماثيو جيمس، مساعد باحث، معهد ويلكوم وولفسون للطب التجريبي، جامعة كوينز بلفاست

يتم إعادة نشر هذه المقالة من شبكة The Conversation تحت ترخيص المشاع الإبداعي. قراءة المادة الأصلية.

%d bloggers like this: